يشكّل مشروع قانون المالية لسنة 2026 في تونس نقلة نوعية في سياسة الدولة نحو دعم النقل النظيف والطاقات البديلة. فقد تضمّن القانون الجديد حزمة من الإجراءات التشجيعية التي تستهدف السيارات الهجينة والكهربائية من خلال تخفيضات ضريبية وجمركية مهمة، في خطوة تعكس التزام الحكومة التونسية بخفض الانبعاثات الكربونية ومواكبة التحول العالمي نحو الاقتصاد الأخضر.
وتمثل هذه التعديلات أحد أهم بنود الإصلاح الجبائي ضمن المشروع، إذ تفتح الباب أمام المستثمرين والمستهلكين لاعتماد وسائل نقل أكثر صداقة للبيئة، مع تقليص الكلفة الجبائية على اقتناء السيارات المزدوجة الطاقة (Hybrid) أو الكهربائية بالكامل (EV).
1. إعفاء ديواني تام للسيارات الهجينة القابلة للشحن
بمقتضى الفصل 49 من مشروع القانون، تم التنصيص على إعفاء كامل من المعاليم الديوانية بالنسبة إلى العربات المجهزة بمحرك حراري ومحرك كهربائي قابل للشحن من مصدر خارجي، أي ما يعرف بالـPlug-in Hybrid.
ويشمل هذا الإعفاء:
السيارات الخاصة متعددة الأغراض (البند م 87.04)
سيارات النقل التي تتسع لأكثر من عشرة أشخاص (البند م 87.02)
ويأتي هذا القرار في إطار ملاءمة السياسة الجبائية مع المعايير البيئية الدولية، حيث تسعى تونس إلى تحفيز سوق السيارات النظيفة وتخفيض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في قطاع النقل الذي يمثل أحد أبرز مصادر التلوث.
2. تخفيض الأداء على الاستهلاك بنسبة 50%
ينص الفصل 7 الجديد من قانون المالية 2026 على تخفيض بنسبة 50% من الأداء على الاستهلاك المستوجب على السيارات الهجينة. ويشمل هذا التخفيض العربات التي:
تعمل بمحركين (حراري وكهربائي) قابلين للشحن من مصدر خارجي.
لا تتجاوز سعة أسطوانتها 1700 صم³.
وفي حال تجاوزت سعة الأسطوانة 2100 صم³، يُشترط أن تكون السيارة قابلة للشحن بالكهرباء الخارجي.
ويُطبّق هذا الامتياز أيضًا على السيارات الموجهة للاستخدام المهني أو الشخصي، مما يجعل اقتناء سيارة هجينة خيارًا أكثر جدوى من الناحية الاقتصادية مقارنة بالسيارات العاملة بالبنزين أو الديزل فقط.
كما تمت إضافة فقرة جديدة ضمن قانون سنة 2005 الخاص بالتحكم في الطاقة، لتوسيع نطاق الانتفاع بالتخفيض ليشمل جميع السيارات التي تدمج بين المحرك الحراري والكهربائي وفق الشروط المحددة.
3. تخفيضات جبائية على أجهزة شحن السيارات الكهربائية
دعمًا للبنية التحتية وتشجيعًا على اقتناء السيارات الكهربائية والهجينة، قرر القانون تخفيض الأداءات على أجهزة الشحن بنسبة مهمة، لتصبح:
10% فقط من المعاليم الديوانية.
7% من الأداء على القيمة المضافة.
ويشمل هذا الإجراء أجهزة الشحن المنزلية والعامة، المندرجة تحت البنود:
85044055003
853710
ويُنتظر أن تستمر هذه الامتيازات إلى غاية 31 ديسمبر 2028، وهو ما سيساعد على انتشار نقاط الشحن في كامل تراب الجمهورية وتشجيع المؤسسات الخاصة على الاستثمار في هذا المجال.
4. تأهيل النصوص القانونية القديمة وإدماج المفهوم الحديث للسيارات الهجينة
في خطوة مهمة لتحديث المنظومة التشريعية، أدرج مشروع قانون المالية 2026 تعديلات على قوانين سابقة تعود إلى سنوات 1982 و1984 و2005 و2021، بإضافة عبارة موحدة قانونياً إلى جميع الفصول ذات الصلة:
“العربات المجهزة معًا للدفع بمحرك حراري ومحرك كهربائي قابل للشحن عن طريق التوصيل بمصدر خارجي للطاقة الكهربائية.”
الهدف من هذا التعديل هو توحيد التعريف القانوني للسيارات الهجينة، وتفادي الغموض الذي كان يحيط بالتصنيفات القديمة بين السيارات التقليدية والهجينة.
كما شملت التعديلات إعادة ضبط الأداءات على السيارات ذات المحركات الحرارية ذات الاستهلاك المرتفع، لتقريبها تدريجياً من الضرائب البيئية العالمية.
5. دعم الصناعة المحلية للبطاريات والتجهيزات الكهربائية
لم يقتصر قانون المالية 2026 على الامتيازات الخاصة بالمستهلك فقط، بل شمل أيضاً المصنعين من خلال تخفيف الجباية على المدخلات الضرورية لتصنيع بطاريات الليثيوم، التي تمثل القلب النابض للسيارات الكهربائية والهجينة.
حيث تم إعفاء المواد التالية من المعاليم الديوانية وتخفيض الأداء على القيمة المضافة إلى 7% فقط:
الألواح الإلكترونية لإدارة البطاريات (853871)
الخلايا والبطاريات الليثيوم (850760)
الموصلات الكهربائية الخاصة بالشحن (853690)
ويشترط للتمتع بهذه الامتيازات أن يكون المصنع منخرطًا في برنامج مؤشر الأداء الصناعي السنوي المعتمد من وزارة الصناعة.
6. انعكاسات اقتصادية وبيئية متوقعة
يتوقع الخبراء أن يؤدي هذا التوجه الجديد إلى زيادة مبيعات السيارات الهجينة والكهربائية في تونس بنسبة تتراوح بين 25 و30% خلال السنوات الثلاث القادمة. كما سيساهم في تقليص فاتورة الطاقة الوطنية وتحسين جودة الهواء في المدن الكبرى.
وتشير التقديرات إلى أن تكلفة اقتناء سيارة هجينة ستنخفض بما بين 10 و20 ألف دينار مقارنة بالسعر الحالي، بفضل التخفيضات والإعفاءات الجبائية الجديدة.
إضافة إلى ذلك، سيفتح المجال أمام وكالات السيارات لتوسيع عروضها نحو نماذج أكثر تطوراً، بما يتماشى مع التوجهات العالمية التي أصبحت فيها السيارات الكهربائية والهجينة تحتل أكثر من 25% من مبيعات الأسواق الأوروبية.
7. نحو تونس خضراء ومستقبل طاقي نظيف
من خلال هذه الإجراءات، تؤكد تونس عزمها على الالتحاق بالركب العالمي في مجال التحول الطاقي والنقل المستدام. فبعد أن كانت البلاد تعتمد بنسبة تفوق 90% على المحروقات، أصبح اليوم الانتقال نحو الكهرباء النظيفة أولوية وطنية تشمل قطاعات متعددة من النقل إلى الصناعة.
وتُعد هذه الإصلاحات جزءًا من رؤية تونس 2030 للطاقة، التي تهدف إلى تحقيق مزيج طاقي متوازن وخفض الانبعاثات بنسبة 45% مقارنة بسنة 2015.
ولعل هذا التوجه سيشجع المواطنين على التفكير في اقتناء سيارات هجينة وكهربائية مستقبلًا، خاصة مع تحسن البنية التحتية للشحن وتوفر الحوافز المالية الكافية.
.jpeg)